كنت قد نويت بان اكتب شيئا خاص بيوم الاسير الفلسطينى 17 /4 ولكن لظروف منعتنى قررت ان انشر هذه القصة والتى كنت قد نشرتها من قبل.
رساله من غزه ...
كان يوما عاصفا ... الرياح تكاد ان تخترق جدار حجرتى .. .
النوم مازال على اعتاب عيونى .. ولكنة لم يصل اليها بعد ...هناك صوت خافت فى الافق يبدو وكانه صوت القناة الاخبارية التى لا يغيرها ابى منذ اليوم الاول للعدوان على غزه ... اصوات الصراخ والبكاء قد جعلتنى اخاف ان اتابع هذه النشرات ... كنت فى منامى ارى الاحداث كلها واصاب بحاله هيستيرية اشبة بنوبة صرع من هول ما ارى على الشاشه دون ان احرك ساكنا وانا ارى اخوتى يقتلون ويذبحون امام عينيا ...
الارق يمنعنى من النوم هذه الايام . سوف اقوم بفتح بريدى الالكترونى لاتفقد الرسائل الجديده .... انها رساله من احدى صديقاتى الفلسطينيات... بربك اهذا وقت رسائل والعالم كله يتابع ماالم بكم ؟؟؟!!!
كانت صديقتى هذه ورغم انها تقيم فى وسط غزة .... رغم انها تنتمى لاسره تسمى فى منطقتها باسرة الشهداء ... رغم ان لديها اعاقة فى قدمها اليسرى جراء قذيفة دبابه صهيونية ..... رغم ما تشاهده يوميا امام اعينها من مذابح لاخوانها ......... كانت تمتلك روح كثيرا ما جعلتنى اتعجب وانا احاول ان افهمها .... أمن الممكن ان يكون الانسان فى مثل هذه الظروف .. ويمتلك هذه الرح القوية ..الايمان... الحماس ... الفكاهه ... الصبر .... الرقه .!!!
يا إلهى أى بشر هم ..؟
اسمها .. جهاد .. كان والدها قد اصر على ان يسميها على اسم اخية الذى يمكث فى سجون الاحتلال .. وابن عمه الذى اغتيل فى القدس بصفته من شباب المقاومة الفلسطينيه ...
تمتلك من العمر 18 عاما ... بعض الاوقات اشعر وكانها تمتلك من الخبرات ما يدل على انها فى عقدها الخامس .... بعض الاوقات اشعر وكانها طفله بريئة .. مفعمة بالحيوية ... تركض خلف الكره او تلهو بتلك دمية المصنوعه من القماش التى حدثتنى عنها ....
كانت هذه رساله من جهاد .. تقول فيها ...
اختى هدى ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . اكتب اليكى من غزه . .. من فلسطين .. قلب العروبة الدامى ... اكتب وانا تلقيت اليوم خبر وفاة احد ابناء خالتى ..فى قذف مقر الاونروا ... مازلت لا استطيع النوم منذ ثلاث ايام ... صوت الطيران الصهيونى يفزعنى ... ويفزع اختى الصغيره ... لا اعلم ان كنت لا استطيع ان انام من هذا فعلا ام لانى اخاف ان انام فأصحو لا اجد بيتى ولا اجد امى ولا اجد اختى الصغيره .... مازلت محتفظه بتلك الدمية الصغيره التى صنعها لى والدى قبل ان يستشهد ... بساعة واحده .... أرى فيها روح والدى .. كلما اشتاق لرؤياه .. اجلس وانظر اليها كثيرا... لكنى لا ارى لها شارباً مثله ........... اعذرينى انى اضحك ....
مازلت افكر فى شىء كهذا ا حتى اضحك ..... فما عاد شىء هنا من الممكن ان يضحك..... كل الوجوه يعلوها اتربة البيوت الراكده على الارض.... كل الوجوه يكسوها دماء .... الحزن يسيطر على نظراتنا ... الخوف والقلق صار عنوان كل من لم يعد يملك مسجدا يدعو فيه لربه .. صار عنوان كل شخص .. فقد ما لديه من اهل وسكن ..
أتعلمى ..
اتمنى لو ان قدمى سليمه ... والله كنت سأحمل سلاح ابى واكون من اوائل المقاومين .... ولكن مازالت هناك فرصه لذلك ... انى انتظر طبيب من اقاربى قال لى انه من الممكن ان يقوم بعملية جراحية وان يعيد لقدمى صحتها بنسبه تصل الى ثمانون بالمائه .... كلما افكر فى هذا الامر ادعو الله كثيرا .... انى مشتاقة جدا للشهاده
كان ابى يقول تلك الكلمات دوما ... والحمد لله أجاب الله دعوته ..
اعلم انكى صديقتى ... بالله عليكى إدعى لى فى صلاتك ان اكون من الشهداء..
ولكن اتعلمى ...
رغم مابنا ....... رغم كل الدمار الذى لحق بنا ....... رغم الموت الذى تشتمين رائحتة فى كل مكان بالمدينه .. الا اننى واثقة من نصر الله ........... واثقه من ان هذا العدوان هو بداية زوال الصهيوني الجبان ...
اقسم انى واثقه ..
أختى الصغيرة .. تقول دوما وتردد كلمات السيد ياسر عرفات رحمة الله .. ( ياجبل مايهزك ريح ) اكون فى قمة سعادتى عندما اسمعها تقول ذلك ولكن برأيك لما اكون سعيده ..؟
من الممكن لانها صغيره والكلمات تخرج من فمها جميله وبسيطه .. ام انها تشعر بالنصر القريب ... ام لانى اريد ان اتشبث باى شىء فيه رائحة النصر ... لا اعلم .. ولكن دعينى اسالك شيئا...
ما هى اخبار اهلى فى الاسكندرية ..؟؟ يقولون ان الشتاء عندكم يكون جميلاً ... اتعلمى اتمنى لو انى آتى لمصر ... وازور الاهرامات ... والنيل ..
واصلى فى الازهر وادعو الله ان ينصرنا قريبا.... و ازور بانوراما اكتوبر .. كم تمنيت ان تعاد تلك الايام .. واشعر بالنصر ... و ........
كيف لى ان اكتب ل هذا ..... لقد بعثت لكى تلك الرساله كى اقول لكى ... صلاة الفجر باق عليها نصف ساعه
قومى فصلى وادعى فى سجودك بان ينصرنا ويثبتنا .. وان ياتى بانصر من عنده انه هو السميع العليم ..
اختى هدى
لا اله الا الله ..